4 أكتوبر 2024 | افريقيا

تعد نيجيريا أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان، إذ يبلغ عدد سكانها زهاء 230 مليون نسمة، نصفهم على الأقل من المسلمين؛ مما يجعلها صاحبة أكبر عدد من المسلمين في أفريقيا. ورغم أنه لا يوجد دين رسمي للدولة في نيجيريا، فإن الأغلبية المسلمة في البلاد تستدعي قدرا من مواءمة السياسات بما يتوافق مع القضايا ذات الأهمية للمسلمين.

وهكذا تناصر نيجيريا القضية الفلسطينية علنا وتوجه الانتقادات للاحتلال الإسرائيلي، لكن خلف تلك المواقف الرسمية هناك علاقة معقدة تجمع أبوجا وتل أبيب، وهو ما يجعل السياسة النيجيرية في هذا الملف تكتسي قدرا لا بأس به من التناقض، فهل نيجيريا هي الدولة الداعمة للحقوق الفلسطينية بشكل واضح كما تظهر عادةً في مواقفها الرسمية؟ أم هي الدولة التي تمد إسرائيل بالنفط لتستمر في حرب إبادتها للشعب الفلسطيني؟

نيجيريا وإسرائيل.. صداقة أم عداوة؟
على المستوى الرسمي، تتخذ نيجيريا مواقف دبلوماسية قوية في مناصرة حقوق الفلسطينيين خاصة مع حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

بادئ ذي بدء، أدانت الخارجية النيجيرية الحرب الإسرائيلية، معتبرة إياها “مجزرة غير مبررة تستهدف الفلسطينيين بأطفالهم ونسائهم”، كما تعلن أبوجا بشكل مستمر دعمها الواضح لحق الفلسطينيين في إنشاء دولتهم، بل وتدعو الخارجية النيجيرية القارة الأفريقية إلى موقف حازم وجماعي ممّا يحدث في قطاع غزة.

أبعد من ذلك، صرح وزير خارجية نيجيريا ميتما توغار بأن بلاده تدرس قطع العلاقات مع إسرائيل لكنها تفضل في النهاية أن تتخذ خطوات منظمة، كما سبق لأبوجا أن دعمت القرار الذي اتخذته جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية من أجل مقاضاة دولة الاحتلال.

وقد وصل الأمر إلى حد إلغاء السلطات النيجيرية لزيارة كان مقررًا أن يقوم بها رئيس وزراء التشيك بيتر فيالا للبلاد بسبب دعمه للحرب الإسرائيلية على المدنيين في غزة على خلفية تصويت التشيك لرفض مشروع وقف إطلاق النار في قطاع غزة بالجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

إعلان
تبدو تلك المواقف شجاعة إلى حد بعيد ومثيرة للإعجاب خاصة إذا ما قورنت بمواقف العديد من الدول العربية المسلمة، لكن على جانب مقابل، تتمتع نيجيريا بعلاقات تجارية ضخمة مع دولة الاحتلال.

وأكثر من ذلك فإنها واجهت المظاهرات المؤيدة لفلسطين في بلادها بالعنف في بعض الأحيان، وقد قُتل شابّان في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أثناء مشاركتهما في مظاهرة منددة بالعدوان على غزة نتيجة إطلاق النار من الشرطة بحسب العديد من المصادر النيجيرية، لكن السلطات نفت قتلهما على يد الشرطة وأكدت أن تلك الاحتجاجات كانت مدعومة من جماعة محظورة موالية لإيران في البلاد.

بشكل عام، أصبح يُنظر إلى نيجيريا منذ بداية الحرب على أنها تحاول “إمساك العصا من المنتصف”، وتبحث عن موازنة صعبة بين إرضاء الشعب النيجيري الذي ترتبط قطاعات واسعة منه بالقضية الفلسطينية من دون الإضرار بعلاقاتها الوثيقة مع إسرائيل.

فلطالما كانت الجامعات النيجيرية مزينة بالأعلام الفلسطينية وصور رموز حركة التحرير والمقاومة الفلسطينية منذ عقود، ومن ثم أعلنت نيجيريا على المستوى الدبلوماسي موقفها الرسمي المؤيد لإنهاء الصراع عبر تنفيذ حل الدولتين، وفي نفس الوقت ظلت في أغلب الأوقات تستخدم نبرة غير مبالغة في انتقاد دولة الاحتلال، لكن تقريرًا لصحيفة الغارديان البريطانية في أغسطس/آب الماضي، كشف عن حقائق مفصلية على صعيد العلاقة بين أبوجا وتل أبيب.

تعد نيجيريا من الدول النفطية الهامة وهي عضو في منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك منذ عام 1971، وبحسب بيانات هيئة تنظيم البترول النيجيرية لعام 2024 فقد بلغ الاحتياطي المجمع من النفط الخام والمكثفات في البلاد 37.50 مليار برميل، في حين يبلغ احتياطي الغاز بها 209.26 تريليونات قدم مكعب، وهي الأرقام التي تجعل نيجيريا في المرتبة العاشرة على مستوى العالم والثانية في أفريقيا في قائمة أكبر الدول المالكة للاحتياطات النفطية.