رميساء بولعيش
في الثامن من سبتمبر 2023، عانى سكان منطقة الحوز بشكل خاص، والمغاربة بشكل عام، من مأساة كبيرة إثر الزلزال الذي ضرب المنطقة، بقوة 6,8، والذي أسفر عن خسائر في الأرواح وآلاف الجرحى.
أدى هذا الزلزال إلى وفاة حوالي 2,960 شخصًا، وفقًا للتقارير الرسمية. كما أسفر عن إصابة آلاف الأشخاص وتسبب في دمار واسع في المباني والبنية التحتية، خاصة في القرى الجبلية والمناطق القريبة من مركز الزلزال.
وبحسب عدة تقارير،كان يوجد تأخر في وصول عمليات الإغاثة وفرق الإنقاذ والمساعدات الأساسية آنذاك ،ودلك بسبب وعورة التضاريس وهشاشة البنية التحتية، مما أدى إلى فقدان المزيد من الأرواح.
بعد الزلزال، عرضت عدة دول تقديم المساعدة، منها فرنسا، الولايات المتحدة الأمريكية، إيطاليا، قطر والجزائر (رغم التوترات السياسية، فتحت مجالها الجوي) وتم رفض أغلبها.
ووفقا للمعطيات الرسمية ، أكمل المغرب بناء ألف منزل فقط خلال سنة ، من أصل 57 ألف منزل ، مما يعني أننا إذا كنا سنستمر على نفس الوثيرة فإننا في حاجة إلى أكثر من نصف قرن لاكمال عملية إعادة الإعمار.
مرّ الزمن، وتوالت الفصول بتغيراتها وصعوباتها المختلفة، وكشف الواقع أن كل ما تم اتخاذه من إجراءات لم يكن بالسرعة التي يتطلبها الوضع ولم يتم اتخاذ استراتيجيات وتدابير مرنة وقصيرة الأمد من أجل إعادة الإعمار، كما لم يتم توفير اغلب المستلزمات الأساسية لأجل حياة كريمة تحافظ على ما تبقى من الصحة النفسية والجسدية للسكان.، وبعد مرور أكثر من عام على المأساة، نرى سكان هذه المناطق يعيشون وضعاً شبيهاً بوضع اللاجئين في حالة الحروب المدمرة .
هذا الإهمال والنسيان المرير وبطء الأداء من قبل السلطات، يثير العديد من التساؤلات : كيف يمكن أن تكون الاستجابة للمطالب الأولية للمتضررين بهذا البطء؟ وهل يعكس ذلك أن احتياجات المواطنين في تلك المناطق لم تؤخذ بعين الاعتبار ولم تحظَ بالاهتمام الذي كانوا يتطلعون إليه في مثل هذه الحالة الطارئة؟
و تشير التقارير الواردة من عين المكان أن الكثير من أهالي المنطقة لا يزالون يعيشون في الخيام البلاستيكية، التي تفتقر إلى أدنى معايير السلامة، والتي لا تخلو من المخاطر.
الخيام تكون ساخنة بشكل مفرط في أيام الحر، مما قد يؤدي إلى الإصابة بضربات شمس قوية وخطيرة. كما أنها غير مقاومة لتسربات الأمطار والرياح القوية في فصل الشتاء.
ونجد أن المتضررين في مشهد مأساة لا مثيل لها. فبالإضافة إلى الأضرار الناجمة عن الكارثة الطبيعية، كخسارة المنازل والممتلكات، وانهيار الاقتصاد المعيشي، أضيفت أضرار نفسية وصحية جديدة بسبب غياب الدعم النفسي والصحي.
فإذا كان من الصعب التعامل مع الكوارث الطبيعية في مثل هذه المناطق النائية، إلا أن سوء الإدارة في مرحلة ما بعد الكوارث يمكن التعامل معه إذا تحققت الشفافية، وربط المسؤولية بالمساءلة.
فيضانات طاطا والجنوب الشرقي
شهدت منطقة طاطا في المغرب فيضانات شديدة هذا العام، تحديداً في سبتمبر 2024. و أدت إلى خسائر في الأرواح، حيث توفي ما لا يقل عن 8 أشخاص. كما تسببت الأمطار الغزيرة والعواصف في تدمير بعض المنازل والبنية التحتية، وقطع الطرق وعزل بعض القرى في المنطقة.
مجددا، كشفت تلك الفيضانات عن ضعف جاهزية المرافق العامة وغياب البنية التحتية وخطط طوارئ فعّالة، مما ساهم في تفاقم الخسائر.
تعكس الأحداث المأساوية الأخيرة في طاطا، بعد مرور عام على زلزال الحوز، قصورًا واضحا في استراتيجيات الاستجابة للكوارث لدى الدولة وعدم التعلم من الدرس القاسي للزلزال.
وينبغي أن تكون الكارثتين في وقت متقارب بمثابة جرس إنذار للجهات المعنية لإعادة النظر في استراتيجيات الاستجابة للكوارث وتعزيز خطط الطوارئ وتطوير نظام استجابة أسرع وأكثر كفاءة، مع الحاجة الملحة أكثر من أي وقت مضى لفك العزلة عن المناطق النائية، خاصة في ظل التحديات المناخية التي نواجهها.