أنشأ الجيشان المغربي والإسرائيلي بالتنسيق مع جهاز المخابرات المغربية “المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني” وجهاز المخابرات الإسرائيلي “الموساد” تنظيما جديدا أطلق عليه اسم “فيلق الملاح” لتحقيق أهداف عسكرية منها تمكين الميليشيات في دول الجوار الإفريقي بالسلاح والدعم الاستخباراتي خاصة في ليبيا ومالي، وأهداف سياسية منها التدخل في الانتخابات الكبرى، بينها الانتخابات العامة الموريتانية، في حملة تظهر كيف أن سياسة التدخل في الشؤون الداخلية للدول تتسرب من الدول الكبرى إلى الدول الصغرى.
ووفقًا لضابط سابق في الجيش المغربي، وهو أيضًا موظف سابق في جهاز المخابرات الداخلية المغربية، ووثائق اطلع عليها موقع “شوت 24″، فإن فيلق الملاح مكن السلطات المغربية أيضًا من استقطاب وإقناع الشباب المغاربة اليهود وغير اليهود الراغبين في الانضمام إلى ميليشيات “الملاح”، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعقد عمل يتضمن تعويضات مالية تدفع عبر حسابات بنكية.
وقد تم استخدام الجهاز لتنفيذ مهام عسكرية وتجسسية في الصحراء الغربية والدول الأفريقية المجاورة، بما في ذلك ليبيا ومالي والجزائر.
وسبق للمملكة المغربية أن قالت إن هدف الشراكة مع الجيش الإسرائيلي يتمحور حول مواجهة التحديات الإقليمية.
وتشمل العلاقة العسكرية بين المغرب وإسرائيل تبادل الخبرات العسكرية والتدريبات المشتركة والتعاون في مجال الاستخبارات والأمن. وقد شارك المغرب في العديد من التدريبات العسكرية مع إسرائيل، كما أبرم البلدان اتفاقيات لتبادل التكنولوجيا الرقمية.
وكانت صحيفة “لوموند” الفرنسية قد نقلت في وقت سابق عن المخابرات المغربية أن الأخيرة تلقت دعما من الموساد الإسرائيلي لمواجهة الجيش الصحراوي، في شكل طائرات بدون طيار وبرامج تجسس.
وكشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية، نقلا عن يوسي ميلمان، الخبير الاستخباراتي في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، أن “هذه المساعدة تعمقت في سياق أمني متوتر تميز بمواجهات بين جبهة البوليساريو والجيش المغربي”
ومع ذلك، لا تزال هذه العلاقة مثيرة للجدل، بسبب برنامج بيغاسوس الإسرائيلي للتجسس، والوضع الإنساني في فلسطين.
وثائق ذات مصداقية
حصل موقع شوت24 على وثائق رسمية منسوبة إلى وزارة الداخلية المغربية والمديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني. توجه هذه الوثائق أوامر إلى عملاء أجانب “لتنفيذ مهام”.
تقول إحداها “أحيطكم علما بأن مهمة “الصبور” على الحدود الموريتانية المالية قد تم تفعيلها، وأن المبلغ المخصص لتحقيق أهدافها قد تحقق (…) نطلب منكم عدم ذكر أي اسم مرتبط بفيلق الملاح”.
وفي وثيقة أخرى، موقعة من مدير الأمن الوطني عبد اللطيف حموشي، صدرت تعليمات للصحفيين ومديري القنوات ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بعدم الحديث عن الأمور العسكرية “الحساسة”.
تصريحات ضابط سابق
وحسب الضابط السابق في المخابرات المغربية (ف.ب) ، فإن الميليشيات في جهاز فيلق الملاح تحرض على الاقتتال، وتتواجد داخل ليبيا من أجل إطالة أمد الأزمة الليبية لخلق جو من عدم الاستقرار، يهدف إلى تحقيق مصالح الدول المتدخلة في الشأن الليبي وخلق مركز فوضى يفتح جبهة ويوتر المصالح الخارجية لخصوم المغرب الإقليميين، وتحديدا الجزائر شرقا.
وأضاف أن قيادة مليشيات الملاح أثرت على الانتخابات الموريتانية في عدة مناسبات بحوادث أمنية وخلق بؤرة توتر جديدة على الحدود الموريتانية المالية، خدمة للمصالح الخارجية المغربية في المنطقة، وهو ما لا يزال مستمرا.
الهيكل التنظيمي لفيلق الملاح
تدير المخابرات المغربية والإسرائيلية وضباط في جيش البلدين التنظيم المشترك لتحركات هذا الجهاز، ومن ضمن الأسماء البارزة رئيس هيئة الاستراتيجية والدائرة الثالثة بالجيش الإسرائيلي “تال كالمان” وقائد لواء العلاقات الخارجية “آفي دافرين” والمسؤول المباشر عن مليشيات الملاح اثناء تأدية عملياتها داخل قطاع غزة “غادي آيزنكوت”
ومن الجانب المغربي، تقع مسؤولية هذه المليشيات على عاتق “عبد اللطيف الحموشي” وهو مسؤول أمني مغربي يجمع بين منصبين أمنين مُهمين، حيث يترأس المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وهو أيضًا المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني، عُرِف بإطلاعه على طريقة عمل خلايا التنظيمات الجهادية، وبإلمامه بالعمل الحركي الإسلامي في المغرب، كما يشغل منصب مستشار الملك محـمد السادس .