31 أكتوبر 2024 | آخر الأخبار | افريقيا

تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لمجموعة من وسائل الإعلام خلال مؤتمر صحفي عقده في تل أبيب، لشرح إصراره على البقاء في محور فيلادلفيا الحدودي بين قطاع غزة ومصر. وعرض نتنياهو، خلال المؤتمر الصحافي، خريطة المغرب دون الصحراء الغربية المتنازع عليها، للمرة الرابعة على التوالي، رغم اعترافه بـ”سيادة الرباط على الإقليم” الذي لا يتمتع بالحكم الذاتي بحسب الأمم المتحدة.

وتعتبر أغلب التحليلات السياسية أن عرض رئيس الوزراء الاسرائيلي خريطة المغرب بدون الصحراء الغربية المتنازع عليها، لـرابع مرة على التوالي، هو “فعل مُتعمد”. 

ورغم ما قيل إن عرض الخريطة بدون الصحراء الغربية كان “مجرد خطأ” فإن تقديرات المحللين السياسيين تستبعد ذلك، بل تجمع على أنها تأتي ربما في سياق تحول الموقف الأمريكي من قضية الصحراء الغربية، منذ تولي إدارة الرئيس جو بايدن السلطة.

ورفضت إدارة بايدن فتح القنصلية الأمريكية بمدينة الداخلة، وتخصيص 3 مليارات دولار لـ”دعم الاستثمار في الأراضي الصحراوية”، وهو ما نصت عليه الاتفاقية الثلاثية بين المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل، الموقعة خلال إدارة ترامب، مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل والمغرب.

وفي المرة الثالثة التي يعرض فيها نتنياهو خريطة المغرب دون الصحراء الغربية، كان إلى جانبه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي يجري مباحثات في إطار جولة قادته إلى الشرق الأوسط، في إطار الضغوط الأميركية لتسريع خطوات التوصل إلى اتفاق تهدئة بين حركة المقاومة الفلسطينية حماس وإسرائيل. 

ولعل من أبرز التحليلات التي تشير إلى عنصر مهم في “الاستفزاز الإسرائيلي المتعمد للرباط” هو تقرير نشره موقع ميدل إيست آي، والذي أشار إلى أن الخريطة التي عرضها نتنياهو على نطاق واسع يوم الاثنين “ابتلعت الضفة الغربية المحتلة من خريطة فلسطين وضمها إلى إسرائيل”، في حين تم فصل الصحراء الغربية عن الخريطة المغربية رغم “الاعتراف الإسرائيلي”.

 وكانت وزارة الخارجية الفلسطينية قد قالت في بيان إن استخدام الخريطة هو “اعتراف صارخ بأجندة إسرائيل الاستعمارية والعنصرية”.

وظهر بنيامين نتنياهو عدة مرات بخرائط للمغرب تستثني الصحراء الغربية، الأمر الذي أثار جدلا كبيرا. الحادثة الأولى وقعت في مايو/أيار 2024، عندما أظهر نتنياهو خريطة تصور الصحراء الغربية منفصلة عن المغرب، ووصفت إسرائيل ذلك بأنه “خطأ غير مقصود”. وتكرر “خطأ” مماثل في سبتمبر 2024، مما أدى إلى جولة أخرى من السخرية من المغرب. واعتذرت إسرائيل مرة أخرى، واستمر الوضع على ذلك حتى 4 مرات.

وفي 23 يوليو 2023، ذكر بيان للديوان الملكي المغربي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أبلغ الملك محمد السادس “بقرار دولة إسرائيل الاعتراف بسيادة المغرب على أراضي الصحراء الغربية”.

وأضاف البلاغ أن الوزير الأول الإسرائيلي أكد أن موقف بلاده “سيتجسد في كافة أعمال ووثائق الحكومة الإسرائيلية ذات الصلة”.

النزاع المسلح 

تمتد الصحراء الغربية على مساحة 252 ألف كيلومتر على الساحل الشمالي الغربي للقارة الإفريقية. وهي منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة إذ يبلغ تعداد سكانها 567 ألف نسمة وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة والبنك الدولي.

وبدأت جبهة البوليساريو أول حربها العسكرية مع اسبانيا التي كانت تحتل المنطقة، لكن في عام 1976 ستنسحب اسبانيا من المنطقة بموجب اتفاقية مدريد، التي منحت المغرب وموريتانيا السيطرة الادارية المشتركة على الإقليم. 

لتبدأ جبهة البوليساريو حربا أخرى مع الجيش الموريتاني والمغربي في آن واحد، استمرت حتى عام 1979، حيث ستنسحب موريتانيا من الإقليم الجنوبي للصحراء.

واستمرت الحرب بين البوليساريو والمغرب إلى غاية اتفاق لوقف إطلاق النار في عام 1991. لكن في عام 2020، أصدر زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، مرسوما يقضي بإنهاء الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار مع المغرب، وهو ما أدى نحو مواجهة عسكرية بين الجانبين مستمرة الى اليوم، بسبب نشر المغرب لقواته في المنطقة العازلة، ردا على ما قالت الرباط “استفزاز” مقاتلي البوليساريو، الذين قطعوا الطريق إلى منطقة الكركارات، وهي بوابة إلى موريتانيا.

و تصر جبهة البوليساريو على استفتاء لتقرير المصير، كما ينص اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين عام 1991.

اللاجئين 

وخلال سنوات الحرب، لجأ الكثير من الصحراويين إلى الجزائر حيث يقيمون في مخيمات منذ عقود.

ويقول موقع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين للحكومة الجزائرية إنه يوجد 165 ألف لاجئ صحراوي في المخيمات الخمس الموجودة قرب تندوف.

جهود التسوية 

و شاركت الأمم المتحدة في الجهود الرامية إلى حل نزاع الصحراء الغربية لعقود من الزمن، وذلك في المقام الأول من خلال مبادرات حفظ السلام والمبادرات الدبلوماسية.

و كان الهدف الأصلي للأمم المتحدة هو تنظيم استفتاء للسماح لشعب الصحراء الغربية بتحديد مستقبله – إما الاستقلال أو الاندماج مع المغرب. ومع ذلك، لم يتم إجراء هذا الاستفتاء بسبب الخلافات حول أهلية التصويت وقضايا أخرى. 

في 6 أكتوبر 2021، عينت الأمم المتحدة ستافان دي ميستورا مبعوثا خاصا في الصحراء الغربية، فقبلت به جبهة البوليساريو لكن المغرب رفض هذا المبعوت، وتحت ضغوط أمريكية قبل لاحقا.

ويحظى ستافان ديمستورا بدعم واشنطن وأغلب العواصم الأوروبية في مهمته للتوصل الى حل متفق عليه بين طرفي النزاع.