تُظهر وثيقة يُزعم أنها من دائرة أمنية إسبانية قديمة، ربما رفعت عنها السرية، أن السلطات الأمنية الإسبانية سلمت محمد سيدي إبراهيم بصير، المقاوم الذي لا يزال اختفاؤه يثير دعوات للكشف عن مصيره، إلى نظيرتها المغربية.
محمد سيدي إبراهيم بصير هو مقاوم بارز كان مثار جدل كبير بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، طرفي النزاع الدائر حول الصحراء الغربية، حيث يدعي كل منهما أنه كان يقاتل الاحتلال الإسباني نيابة عنهما في السبعينيات.
ولا يزال مصير إبراهيم بصير مجهولا، بعد أن اعتقلته القوات الإسبانية في 17 يونيو 1970، عندما قاد انتفاضة العيون ضد قواتها الاستعمارية.
وحسب المعطيات التي حصل عليها موقع “شوت 24” من مصادر مختلفة، فقد أطلق بصير في يونيو 1970 انتفاضة شعبية ضد المستعمر الإسباني، أسفرت عن وقوع العديد من الإصابات في صفوف الصحراويين والاعتقالات. وقد انتهت هذه الأحداث التي عرفت باسم “انتفاضة الزملة” باعتقاله، ومنذ ذلك الحين ظل مصيره مجهولاً.
ويطالب كل من المغرب وجبهة البوليساريو بالكشف عن مصيره.
بالنسبة للمغرب، إبراهيم بصير هو مقاوم مغربي لعب دورًا محوريًا في طرد المستعمرين الإسبان من الصحراء الغربية خلال السبعينيات.
وتعتبره جبهة البوليساريو البطل الذي نقل نضال الشعب الصحراوي الذي استمر لقرون من العفوية إلى التنظيم بتأسيسه أول تنظيم سياسي صحراوي، وهو التنظيم الطليعي لتحرير الصحراء.
وحصل موقع “شوت 24” من مصدر على وثيقة “حكومية رسمية” يزعم أن عمرها عدة عقود، وقد تحسم الجدل بين طرفي النزاع حول مصير الصحراء، وتظهر أي الطرفين يقاتل لصالحه في منطقة يهيمن عليها المغرب منذ انسحاب الاحتلال الإسباني.
تشير هذه الوثيقة إلى أن إبراهيم بصير قد تم تسليمه إلى السلطات المغربية واختفى منذ ذلك الحين.

ومما جاء فيها: “على ضوء ما بلغني من أنباء تفيد بأن المواطن المغربي سيدي ابراهيم بصير، من قبيلة الركيبات الذي طرد من المغرب في 29 جويلية الماضي لتورطه في أحداث 17 جوان الماضي، وانخراطه في تكوين وقيادة الحزب السري “منظمة الطليعية لتحرير الصحراء” قد تسلل إلى الولاية، عن طريق الجزائر، وأنا بصدد اتخاذ الخطوات اللازمة للإفراج عنه، وتسليمه بالسرعة التي تقتضيها القضية”.
وتمتد الصحراء الغربية على مساحة 252 ألف كيلومتر على الساحل الشمالي الغربي للقارة الإفريقية. وهي منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة إذ يبلغ تعداد سكانها 567 ألف نسمة وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة والبنك الدولي.
وبدأت جبهة البوليساريو أول حربها العسكرية مع اسبانيا التي كانت تحتل المنطقة، لكن في عام 1976 ستنسحب اسبانيا من المنطقة بموجب اتفاقية مدريد، التي منحت المغرب وموريتانيا السيطرة الادارية المشتركة على الإقليم.
لتبدأ جبهة البوليساريو حربا أخرى مع الجيش الموريتاني والمغربي في آن واحد، استمرت حتى عام 1979، حيث ستنسحب موريتانيا من الإقليم الجنوبي للصحراء.
واستمرت الحرب بين البوليساريو والمغرب إلى غاية اتفاق لوقف إطلاق النار في عام 1991. لكن في عام 2020، أصدر زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، مرسوما يقضي بإنهاء الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار مع المغرب، وهو ما أدى نحو مواجهة عسكرية بين الجانبين مستمرة الى اليوم، بسبب نشر المغرب لقواته في المنطقة العازلة، ردا على ما قالت الرباط “استفزاز” مقاتلي البوليساريو، الذين قطعوا الطريق إلى منطقة الكركارات، وهي بوابة إلى موريتانيا.
و تصر جبهة البوليساريو على استفتاء لتقرير المصير، كما ينص اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين عام 1991.
اللاجئين
وخلال سنوات الحرب، لجأ الكثير من الصحراويين إلى الجزائر حيث يقيمون في مخيمات منذ عقود.
ويقول موقع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين للحكومة الجزائرية إنه يوجد 165 ألف لاجئ صحراوي في المخيمات الخمس الموجودة قرب تندوف.
جهود التسوية
و شاركت الأمم المتحدة في الجهود الرامية إلى حل نزاع الصحراء الغربية لعقود من الزمن، وذلك في المقام الأول من خلال مبادرات حفظ السلام والمبادرات الدبلوماسية.
و كان الهدف الأصلي للأمم المتحدة هو تنظيم استفتاء للسماح لشعب الصحراء الغربية بتحديد مستقبله – إما الاستقلال أو الاندماج مع المغرب. ومع ذلك، لم يتم إجراء هذا الاستفتاء بسبب الخلافات حول أهلية التصويت وقضايا أخرى.
في د أكتوبر 2021، عينت الأمم المتحدة ستافان دي ميستورا مبعوثا خاصا في الصحراء الغربية، مهمته إيجاد حل لهذا النزاع الذي عمر طويلا .
وفي أكتوبر 2024 اقترح ديمستورا تقسيم الإقليم بين المغرب وجبهة البوليساريو كوسيلة محتملة لإرضاء الجانبين، وفقا لإحاطة الى مجلس الأمن.
ورفض كل من المغرب وجبهة البوليساريو هذا المقترح.