31 أكتوبر 2024 | افريقيا

لا تزال فضيحة برنامج التجسس الإسرائيلي بيغاسوس، الذي تورط فيه المغرب، تجذب الاهتمام. واتُهم المغرب باستخدام برنامج بيغاسوس، الذي طورته إسرائيل، للتجسس على شخصيات سياسية ونشطاء وصحفيين، بما في ذلك أهداف في إسبانيا وفرنسا.

وبينما ينفي المغرب هذه الاتهامات، كشفت التحقيقات عن استهداف آلاف أرقام الهواتف. وتسببت الفضيحة في توترات دبلوماسية، خاصة مع فرنسا، حيث يجري تحقيق قضائي في المراقبة المزعومة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأعضاء حكومته.

وفي يونيو 2021، كشفت منظمات ووسائل إعلام دولية عن تثبيت برنامج التجسس Pegasus، الذي أنشأته مجموعة NSO Technologies، خلسة على هواتف عدد كبير من قادة العالم والسياسيين ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيين، مما أتاح للمهاجم الوصول الكامل لكل ما يحمله الجهاز.

وأضاف المصدر أن “بيغاسوس” استخدم للتجسس على 180 صحافيا و600 سياسي و85 ناشطا حقوقيا و65 رئيس شركة في بلدان مختلفة.

وفي خضم هذه الأحداث، أعلن مكتب المدعي العام في باريس أنه فتح تحقيقا بعد أن تقدم صحفيان وموقع ميديابارت الإخباري بشكوى تتعلق ببرنامج التجسس بيغاسوس.

وأفادت وكالة الأنباء الإسبانية (إفي)، في أبريل 2022، أن القضاء الاسباني فتح تحقيقًا في قضية التجسس المزعوم على وزراء وشخصيات سياسية وإعلامية اسبانية باستعمال برنامج بيغاسوس.

لكن في يونيو 2023 أعلن القاضي المكلف بالتحقيق في مزاعم القرصنة على الهواتف أنه أوقف تحقيقه بسبب الافتقار “الكامل” للتعاون من جانب إسرائيل.

وقالت منظمة العفو الدولية حينها إن عدم تعاون السلطات الإسرائيلية مع التحقيق الجنائي الإسباني هو أحد أعراض الإفلات من العقاب في الظروف المحيطة بإساءة استخدام برامج التجسس وتكنولوجيا المراقبة الإلكترونية.

وبعد أسابيع فقط، أعادت المحكمة العليا الإسبانية في فتح تحقيق في استخدام برنامج بيغاسوس، بعد تلقيها وثائق من السلطات القضائية الفرنسية حول تفاصيل تحقيقها الخاص في استخدام البرنامج للتجسس. وقالت المحكمة إنه “بمقارنة العناصر التقنية التي جُمِعَت في التحقيق الفرنسي” مع تلك التي أجريت في إسبانيا “تمكن التحقيق من التقدم لتتبع مصدر القرصنة”.

وكان تقرير صادر عن البرلمان الأوروبي في السياق قد أشار إلى المغرب “باعتباره مسؤولا محتملا”.

الدولة الاستبدادية المصممة على إسكات الصحفيين بـ “البيغاسوس”

“إن تهاون فرنسا في مواجهة فضيحة التجسس السيبراني بيغاسوس أمر غير مقبول، نظراً لاستهدافه لأعضاء الحكومة، بل وحتى رئيس الجمهورية (ايمانويل مكرون). فماذا كان سيكون رد فعل فرنسا لو كان مصدر فضيحة التجسس السيبراني هذه هو الصين أو روسيا؟” بهذه الفقرة نددت روزا موساوي، الصحفية الفرنسية في صحيفة لومانيتيه الفرنسية، بمحاولة التستر على فضيحة التجسس.

وأضافت ضمن مقالها المنشور في الإندبندنتي الإسبانية تحت عنوان “تجسس بيغاسوس والمغرب، مرعب بقدر ما هو غير مرئي”: لو كان مصدره الصين أو روسيا، لكان من الممكن أن يكون هناك رد فعل دبلوماسي وسياسي بحجم مختلف تماما.

في هذا السياق، وصفت روزا في مقالها المغرب بـ “الدولة الاستبدادية المتغطرسة” المصممة على إسكات الصحفيين الذين يرفضون الخضوع لدعايتها. مشيرة إلى الإجراء القضائي الذي اتخذته المملكة المغربية ضد وسائل الإعلام الفرنسية التي غطت فضيحة بيغاسوس، بما في ذلك لوموند، وراديو فرنسا، وفرانس ميديا ​​موند، وميديابارت.

وعلقت الاعلامية الفرنسية على هذا الإجراء قائلة: “لحسن الحظ، رفض المدعي العام مبدأ فتح قضية تشهير”. لكن، تضيف “المملكة المغربية استأنفت ويمثلها في هذا الشأن محام متخصص في تكميم أفواه الصحفيين لصالح الشركات الكبرى والمتعددة الجنسيات، والذي يقوم بمضايقات قضائية حقيقية ضد الصحفيين الناقدين”.

وأوضحت الكاتبة أن كل أعمالها المتعلقة بالمغرب والصحراء الغربية، منذ 2010 حتى الآن، “تعرضت بشكل منهجي لتعليقات مهينة ومسيئة عبر الإنترنت” ، ووصفت هذه التعليقات بـ “بالمدبرة والمنظمة”.

وأشارت في السياق ذاته إلى ما سمته بـ “المقالات الحقيرة في الصحافة التشهيرية المرتبطة بالنظام المغربي. هذه القضايا وغيرها هي التي دفعتنا إلى إغلاق التعليقات على المقالات المنشورة على موقعنا”.

وخلال زيارتها الى المغرب لتغطية محاكمة الاستئناف للمدافعة عن حقوق الإنسان وفاء شرف في عام 2014، ولتغطية محاكمة السجناء السياسيين الصحراويين في أكديم إزيك في الرباط في عام 2016، ولتغطية الانتفاضة الشعبية في الريف في عام 2016، كانت تخضع “لمراقبة وثيقة وواضحة للغاية، والتي كان من الواضح أنها تهدف إلى ترهيبي”.

واكدت أن تقرير لمنظمة مراسلون بلا حدود وثق كل ما تعرضت له.

وأضافت: “عندما كانوا يتتبعون المصور الصحفي الذي كان يرافقني، لم يتوقف التتبع أبدًا ولم نتمكن من الهروب من ضباط الشرطة الذين كانوا يطاردوننا إلا عن طريق إلغاء تنشيط خيار الموقع على هاتفينا”.

وأضافت أنه “في ربيع عام 2021، اتصل بي صحفيون من اتحاد Forbidden Stories وأبلغوني أنهم يشتبهون في احتمال وجود برامج تجسس مزروعة على هاتفي. وسلمت هاتفي إلى فريق متخصص من المختبر الأمني ​​التابع لمنظمة العفو الدولية لفحصه وتحليله. ولم يكشف التحليل عن أي شيء على الجهاز الجديد”.

لكن في يوليو/تموز، عشية الكشف عن مشروع بيغاسوس، اتصل بي صحفي من شركة Forbidden Stories مرة أخرى، تقول الإعلامية الفرنسية، ليبلغني أنني، في الواقع، مدرج في قائمة الأهداف المحتملة لبرنامج التجسس الإسرائيلي هذا، وهي قائمة تم إعدادها، وفقًا لما ذكرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.

وحذرت روزا من مخاطر المراقبة السيبرانية، واصفة إياها بـ “الامتداد للمراقبة الجسدية على نطاق مذهل. لكنه أكثر رعبا لأنه غير مرئي وغير قابل للاكتشاف”.